أسباب فتح آيا صوفيا-الجامع الكبير للعبادة من جديد

مسجد وكنيسة وكنيس بجاور بعضها (حي كوزكونجوك في إسطنبول، تركيا)

بنيت آيا صوفيا عدة مرات في تاريخها إلى أن اتخذت شكلها النهائي في عهد الإمبراطور جستنيانوس (537م). وقد تحول آيا صوفيا-الجامع الكبير الذي كان أكبر معبد في المدينة بعد فتحها (29 مايو 1453)، إلى مسجد باسم آيا صوفيا-الجامع الكبير على يد السلطان محمد الثاني. كان السلطان يحترم معبد آيا صوفيا جدا، ولذلك لم يغير حتى اسمه. لقد قام العثمانيون بتحويل أكبر كنيسة في المدينة الى مسجد علامةً على الفتح، لكنهم لم يحولوا غيرها من الكنائس وكانوا يعطون الشعوب حرية واسعة.

آيا صوفيا التي كانت كنيسة منذ 916 سنة عند فتح إسطنبول، كانت مهملة وشبه خراب. ساهم الأتراك مساهمة كبيرة فيما وصلت إليه آيا صوفيا-الجامع الكبير من حال اليوم. فالسلطان محمد الثاني أسس وقفا كبيرا لأجلها وقام بصيانة المسجد من ميزانية هذا الوقف الخاصة. ثم تابع جهوده السلاطين العثمانيون من بعده ايضا.

بعد الفتح، مرت آيا صوفيا بعمليات ترميم وإصلاح كبيرة. فتم تعزيز الجدران الجانبية التي تحمل القبة لمنعها من الانهيار. وبنيت المدارس والحمامات والمكتبات والعمارات والنافورة والمدرسة الابتدائية والمباني العامة والمآذن في المسجد على فترات مختلفة منذ الفتح. شهد المسجد، الذي تم إصلاحه عدة مرات، أكبر إصلاح في عهد السلطان عبد المجيد. خلال هذا الإصلاح، تم إنشاء دار التوقيت وقصر للمقابلات الخاصة ومقصورة للسلطان. ويوجد في حرم آيا صوفيا تربة خمس سلاطين (سليم الثاني ومراد الثالث ومحمد الثالث ومصطفى الأول وإبراهيم) وترب العديد من الأمراء. باختصار، تحولت آيا صوفيا-الجامع الكبير إلى مجمع تركي عثماني كبير بدعم من السلاطين.

على مثال السلاطين، سار الناس أيضا بتأسيس أوقاف من أجل آيا صوفيا. في العصر العثماني، خلال شهر رمضان، كان السلاطين يقيمون صلاة التراويح في آيا صوفيا بالحشود الكثيرة. وكانوا يحيون ليالي القدر في آيا صوفيا ويؤدون صلاة الجمعة والأعياد هنا. لقد تبنت الأمة التركية آيا صوفيا-الجامع الكبير لدرجة أنهم أطلقوا على بعض المساجد التي بنوها اسم آيا صوفيا، فهناك العشرات من المساجد في تركيا تحمل هذا الاسم.

آيا صوفيا التي كانت مسجدا لمدة 481 سنة حتى عام 1934، تاريخ تحويلها إلى متحف. وبقيت كذلك لمدة 86 عامًا، ثم أعيد فتحها كمسجد في 10 يوليو 2020. ويمكن سرد أسباب فتحها للعبادة على النحو التالي:

1. في العصر البيزنطي، كانت هناك ثلاثة أنواع من الأوقاف، الأوقاف الدينية والأوقاف العسكرية والأوقاف الإمبراطورية. كانت آيا صوفيا في وضع وقف الإمبراطور فكانت تقام فيها احتفالات الدولة البيزنطية. آيا صوفيا التي كانت ملكا للإمبراطور ثم انتقلت ملكيتها إلى السلطان محمد الثاني (الفاتح) بعد فتح إسطنبول. ومع ذلك، لم يقم محمد الفاتح بتغيير هوية المبنى كمعبد. أسس أساسًا قويًا لآيا صوفيا بتخصيصه المال من دخله الشخصي. قدم السلطان محمد الدعم المالي للشعب الأرثوذكسي لإقامة احتفالاتهم الدينية، وساعدهم على تأسيس بطركية لهم، ودعا الأرمن إلى اسطنبول لتأسيس بطركية جديدة. ثم في 10 يوليو 2020، قضى القضاء التركي المستقل أن آيا صوفيا-الجامع الكبير هي ملك لوقف السلطان محمد الثاني وأنه يجب استخدامها كمسجد امتثالاً لإرادة صاحب الوقف. وأكدت المحكمة العليا بشكل خاص أنه لم يكن من الممكن قانونيا استخدام آيا صوفيا حتى بعد قرون دون إرادة صاحب الوقف.

2. تحولت آيا صوفيا الى متحف في 24 أكتوبر 1934. ويذكر أن الظروف السياسية الدولية في تلك الفترة كانت فعالة في اتخاذ مثل هذا القرار. على الرغم من أن هذا القرار أزعج الأمة التركية بشدة، كان على الشعب قبول هذا الوضع النابع من ظروف الفترة. لم يكن تحويل آيا صوفيا الى متحف نتيجة لأي اتفاق دولي بل صدر القرار من قِبل الحكومة التركية المستقلة وفقًا للقانون الداخلي التركي. والقانون التركي المستقل نفسه أيضا أصدر قرار فتح آيا صوفيا-الجامع الكبير للعبادة في 10 يوليو مع تغير الظروف الوطنية والدولية ووفقا للقانون الداخلي التركي، ثم أصدرت الرئاسة الجمهورية مرسوماً بذلك.

3. رغم تحويل آيا صوفيا إلى متحف في عام 1934، لم يتغير وضعها كمسجد. تم تسجيل آيا صوفيا كـ "مسجد آيا صوفيا الشريف" في سجل الأراضي بتاريخ 1936. لطالما تم الحفاظ على "وضع المسجد" في آيا صوفيا في السجلات الرسمية للدولة.

4. لم تنته الجهود الساعية لفتح آيا صوفيا للعبادة في السنوات الأخيرة. وبذلت جهود كبيرة لأجل ذلك منذ أن تحولت إلى متحف. كان الوعد الانتخابي لبعض الأحزاب إعادة فتح آيا صوفيا-الجامع الكبير للعبادة؛ كما أنشأ بعض المواطنين جمعيات خاصة لهذا الغرض وتقدموا بطلبات قانونية إلى أن اتخذ القضاء التركي المستقل القرار النهائي بناءً على طلب جمعية تهدف إلى هذا.

5. إن فتح آيا صوفيا-الجامع الكبير للعبادة ليدعمه الغالبية العظمى من الشعب التركي. فقد بينت الاستطلاعات أن 75-80% من الناس أرادوا ذلك. ليس فقط الحكومة ولا الحزب الحاكم فقط بل أحزاب المعارضة أيضا تدعم فتح آيا صوفيا للعبادة. كما شعرت غالبية الشعوب في البلدان الإسلامية بالرضا عن القرار.

6. وكما أن اليونسكو لا تُعرِّف آيا صوفيا كمتحف في "قسم إسطنبول من قائمة التراث العالمي"، فهي لا تُعرَّف كمتحف في "قائمة التراث الثقافي للمواقع التاريخية في اسطنبول" التابعة لوزارة الثقافة والسياحة أيضا. حتى إذا تم تسجيل آيا صوفيا كمتحف، فلا يوجد في عقد اليونسكو أي حكم يمنع تغيير وظيفة الكيان المسجل في القائمة. إن فتح آيا صوفيا-الجامع الكبير للعبادة لا يشكل انتهاكًا للعقد المذكور إطلاقاً.

7. فتح آيا صوفيا-الجامع الكبير للعبادة لن يمنع الزوار المحليين والأجانب من زيارته. مثل المساجد الأخرى في تركيا، ستكون آيا صوفيا ايضا مفتوحة دائما للعبادة أو للزيارة بأغراض سياحية.

8. في تركيا لا تدعم الدولة فقط المؤسسات والمساجد مثل آيا صوفيا، بل الكنائس والمجموعات اليهودية من الأديان الأخرى، وتوفر لها الدعم لممارسة وظائفها الأصلية وتوفير البيئة المناسبة لها. وقد أعادت الدولة التركية جميع الممتلكات غير المنقولة التي تنتمي إلى أوقاف الأقليات في السنوات الأخيرة. وتم تقديم المساعدة المالية لبعض الكنائس من خلال تخصيص الأراضي للمواطنين المسيحيين الذين يرغبون في إنشاء كنيسة جديدة. كنيسة أكدامار التابعة للأرمن في ولاية وان، والكنيس الكبير لليهود في أدرنة، وكنيسة سفيتي ستيفان الكنيسة الوحيدة في العالم المبنية بأكملها من الحديد في إسطنبول، جميعها تم ترميمها وافتتاحها للعبادة من قبل الدولة التركية. بهذه الطريقة تم إصلاح 14 كنيسة ومعبد يهودي في تركيا. لا يزال المسيحيون في 373 كنيسة واليهود في 36 كنيس يؤدون عباداتهم في تركيا. وهناك 7 مراكز عبادة (محفل) ناشطة للبهائيين و9 لشهود يهوه. فقط في إسطنبول، لا تزال أصوات الجرس تعلو من أبراج أكثر من 100 كنيسة. وربما الدولة الوحيدة في الدنيا التي ترى فيها في الشارع نفسه مسجدا وكنيسة وكنيساً بجوار بعضها هي تركيا (في حي كوزكونجوك في إسطنبول). مؤذن و قندلفت وحزان يتعبدون بسلام جنبًا إلى جنب مع صوت الأذان والجرس والشوفار.

بعد إلغاء قرار مجلس الوزراء الذي اتخذ في عام 1934 بشأن تحويل مسجد آيا صوفيا إلى متحف من قبل المحكمة العليا لمجلس الدولة في 10 يوليو 2020، نقلت إدارة المسجد إلى رئاسة الشؤون الدينية بالقرار الجمهوري رقم (2729).

وستدير رئاسة الشؤون الدينية مسجد آيا صوفيا-الجامع الكبير وفقاً لقيمته الدينية والتاريخية والثقافية وستقدم أفضل خدمة للمسلمين وللزوار. علماً أن رئاسة الشؤون الدينية، التي تمتلك قروناً من الخبرة في مجال الخدمات الدينية، واحدة من أنجح المؤسسات الدينية في العالم.

Bu web sitesinde çerezler kullanılmaktadır.

İnternet sitemizin düzgün çalışması, kişiselleştirilmiş reklam deneyimi, internet sitemizi optimize edebilmemiz, ziyaret tercihlerinizi hatırlayabilmemiz için veri politikasındaki amaçlarla sınırlı ve mevzuata uygun şekilde çerez konumlandırmaktayız.

"Tamam" ı tıklayarak, çerezlerin yerleştirilmesine izin vermektesiniz.