اللاجئون السوريون في أولمبياد ريو 2016

ديلي صباح ووكالات
اسطنبول
نشر في 02.08.2016 00:00
آخر تحديث في 02.08.2016 10:56
اللاجئون السوريون في أولمبياد ريو 2016

أرادت السباحة السورية يسرى مارديني أن توجه للعالم رسالة من خلال مشاركتها في الألعاب الأولمبية الصيفية التي تنطلق الجمعة في ريو، بأن "كلمة لاجىء ليست سيئة لأننا ما زلنا أناسا... لا تستسلموا أبداً".

قبل أسابيع معدودة؛ كانت الشابة مارديني تصارع أمواج الموت عندما غرق القارب المطاطي الذي كان من المفترض أن يبعدها عن الحرب في بلادها إلى شواطىء الأمان في اليونان، لكنها تجد نفسها اليوم تحت الأضواء بعدما حصلت على فرصة تحقيق حلم المشاركة في الألعاب الأولمبية.

تحدثت مارديني من ريو عن شعورها لمشاركتها في الألعاب، قائلة لموقع أخبار اولمبياد ريو 2016 بعد حصة تمرينية قبل أيام على انطلاق الحدث: "إنه لأمر رائع. لا يمكنني أن أصف ما أشعر به حالياً، إنه بمثابة الحلم الذي يتحول إلى حقيقة. كل شيء عملت عليه... كل أمر بسيط، ها هو يتحول الآن إلى حقيقة".

فقد شاء القدر أن تحل مارديني في ألمانيا حيث حظيت بفرصة مواصلة تمارينها تحضيراً لإمكانية مشاركتها في أولمبياد ريو تحت علم اللجنة الأولمبية الدولية التي اختارت 10 رياضيين "لاجئين"، بينهم سباح سوري آخر هو رامي أنيس (100 م فراشة).

* فريق من 10 لاجئين بينهم سباحان من سوريا

وتشارك مارديني في أول فريق للاجئين في تاريخ الألعاب الأولمبية تم اختياره طبقاً لبعض المعايير التي حددتها الاتحادات الدولية، ضمن برنامج تشرف عليه البطلة الأولمبية الكينية السابقة تيغلا لاوروب، أول عداءة إفريقية توجت في ماراتون نيويورك.

هناك أيضاً 5 رياضيين لاجئين من جنوب السودان سيشاركون في منافسات ألعاب القوى، ورياضيان من الكونغو سيشاركان في منافسات الجودو، وآخر من أثيوبيا سيخوض غمار سباق الماراتون.

وستشارك مارديني (18 عاماً) في سباقي 100 متر حرة و100 متر فراشة وقد أعربت عن فرحتها لدى وصولها إلى ريو قائلة في صفحتها على موقع فيسبوك: "وصلنا إلى القرية الأولمبية أنا وزميلي رامي أنيس ونحن سعيدان وفخوران بوجودنا هنا".

ثم قالت السباحة السورية بعد تمرينها في الملعب الأولمبي "أولمبيك اكواتيكس ستاديوم": "لطالما أردت التواجد هنا (في الأولمبياد)، والآن أنا هنا. هدفي أن أحقق أفضل زمن شخصي لأنه من الصعب جداً الحصول على ميدالية في هذه المنافسة. لكني آمل أن أحقق ذلك في الأولمبياد المقبلة في طوكيو 2020)".

ويمكن القول أن مارديني توجت أصلاً قبل خوض المنافسات إنما عن فئتي الشجاعة والتحمل. ففي آب/أغسطس الماضي، غادرت يسرى وشقيقتها السباحة أيضاً سارة (20 عاما) دمشق منضمتين إلى موجة جديدة من السوريين الذين فقدوا الأمل في رؤية نهاية قريبة للصراع الدائر في بلدهم، فسافرتا إلى لبنان ثم تركيا حيث دفعتا المال للمهربين لإيصالهما إلى اليونان.

وتحدثت عن هذا الأمر قبل اختيارها من اللجنة الأولمبية الدولية، قائلة من ألمانيا التي احتضنتها: "منزلنا تدمر، ولم أتمكن من التمرين لمدة عامين".

في المحاولة الأولى للهرب، تمكن خفر السواحل التركي من إيقاف القارب وإعادته، وفي محاولتهما الثانية ركبا قارباً مطاطياً صغيراً. وفي غضون نصف ساعة كانت المياه تتدفق داخله بسبب عدم تحمله عدد راكبيه الذين لا يجيدون السباحة في معظمهم.

وبعدما بدأت الرياح المسائية تهب في بحر إيجه، اتخذ قرار التخلي عن جميع الحقائب في محاولة لإبقاء القارب عائماً لكن ذلك لم يكن كافياً، مما اضطر يسرى وسارة وثلاثة آخرين يجيدون السباحة إلى التضحية والقفز في الماء.

تمسك السباحون الخمسة بالحبال المتدلية من جوانب القارب لثلاث ساعات، حتى وصلوا إلى شاطئ جزيرة لسبوس اليونانية. وما أن وطأت أقدام يسرى وشقيقتها بر الأمان حتى اتصلتا بوالدهما الموجود في الأردن: "بابا، لقد نجحنا! نحن في اليونان!".

"كان أطول انتظار في حياتي"، هذا ما قاله الوالد الذي انضم إلى ابنتيه في برلين التي وصلتها الشقيقتان بعد رحلة برية طويلة دامت أسابيع. وبعد وصولهما إلى برلين بفترة وجيزة، انضمت الشقيقتان مارديني إلى أحد أندية السباحة القريبة من مخيم اللاجئين بفضل المترجم المصري في المخيم الذي عرفهما على المدرب سفين سبانيكربس.

* حلم تحول إلى حقيقة

من المؤكد أن مارديني لم تكن تجرأ حينها حتى على الحلم بامكانية الوصول إلى الألعاب الأولمبية لكنها هنا الآن وقد أرادت توجيه رسالة للعالم بأن "كلمة لاجىء ليست سيئة. نحن بشر مهما حصل معنا. وما زال بإمكاننا تحقيق الكثير من الأمور الجيدة. هنالك حقاً الكثير من الناس الذين يساعدوننا وهذا أمر رائع. رسالتي هي: لا تستسلموا ابدأً".

وعن ذلك اليوم المشؤوم في عرض البحر والذكريات العالقة في ذهنها، قالت: "ليست لدي أي ذكريات سيئة على الاطلاق. أذكر أنه لولا السباحة لما كنت على قيد الحياة... إنها ذكرى إيجابية بالنسبة لي".

أما بالنسبة لمعاملتها كبطلة، تقول مارديني: "الأمر صعب في بعض الأحيان؛ لكنه شعور رائع أنك تشكل مصدر إلهام للناس".

لا تشارك يسرى مارديني التي سبق لها أن أحرزت لقب بطولة سوريا في مسابقات 200 و400 م حرة و100 و200 م فراشة، مع وفد بلادها، فهي قد هربت من النظام الحاكم المستبد لكن "مهما كان العلم، المشاعر هي ذاتها. إذا دخلت الملعب، فأعتقد أنني لن أفكر سوى بشيء واحد هو المياه".

وتؤكد مارديني أنه "لشرف كبير بالنسبة لي أن أكون هنا، وأن أسبح من أجل بلدي ومن أجل ألمانيا واللجنة الأولمبية الدولية لانهم منحوني الكثير. أنا أسبح أولاً من أجل بلدي وثانياً من أجل نفسي".

وعن المساعدة التي حظيت بها في المانيا، قالت: "عندما وصلت إلى المانيا ساندني الكثير من الناس. حصلت على هذه الرعاية من اللجنة الأولمبية الدولية. وصلت إلى نادي السباحة دون بذة السباحة أو قبعة السباحة ودون اي شيء وقلت: أنا سباحة، هل بإمكانكم مساعدتي؟ فأعطوني كل شيء احتجته".

وواصلت: "لقد فحصوا مستواي في السباحة ووافقوا على استقبالي. التقيت الكثير من الناس في هذا النادي وكانوا بمثابة عائلتي".

* أنيس وتمثيل الناس الذين فقدوا موطنهم

من جهته، تحدث السباح السوري أنيس (25 عاما) الذي لجأ إلى بلجيكا، عن مشاركته الأولمبية، قائلاً: "بعد أن بدأت الحرب، فقدنا الروحانية، فقدنا رياضتنا... واللجنة الأولمبية الدولية أعادت إلينا هذه الروحانية والآن عدنا من جديد، لدينا حقاً حماسة قوية لمواصلة المشوار".

واضاف: "نحن فخورون جداً لأننا جزء من هذا الفريق. من الرائع أن نكون في هذا الفريق لأننا نمثل أناساً فقدوا وطنهم واحترقت منازلهم، وقتلوا. نحن الآن نمثلهم بطريقة جيدة. إنه لشعور رائع".