شكوك دولية في أهداف التدخل العسكري الروسي وسط غياب الإنكار الرسمي

ديلي صباح
اسطنبول
نشر في 02.10.2015 00:00
آخر تحديث في 02.10.2015 14:30
شكوك دولية في أهداف التدخل العسكري الروسي وسط غياب الإنكار الرسمي

في الوقت الذي تتجنب فيه الإدارة الروسية الافصاح عن تفاصيل حول الضربات الجوية التي تقوم بها في سوريا، منذ الاثنين الماضي، تشكلت حالة أشبه بالاجماع الدولي على التشكيك بأهداف روسيا المعلنة من العملية العسكرية.

فقد اجمع خبراء على أن هدف هذه الغارات "تكتيكي" في الأساس ويهدف الى ترجيح كفة نظام بشار الأسد "مؤقتاً" على الأرض، ومحاولة إبقائه لأطول فترة ممكنة، لحين التوصل إلى حل سياسي تكون موسكو طرفاً أساسيا ومؤثرا فيه، بما يضمن مصالحها في سوريا والمنطقة. يأتي ذلك بالتوافق مع المواقف العلنية لموسكو التي جاءت على لسان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، والمشيرة الى أن دعم الأسد هو الوسيلة الوحيدة لوقف الحرب الدائرة في سوريا، من وجهة نظر بلاده.

ومن جانب آخر أكد مسؤولون غربيون على أن أيا من الهجمات التي شنتها موسكو في اليومين الماضيين لم تكن تستهدف تنظيم الدولة (داعش)، بل استهدفت مدنيين ومواقع تابعة للجيش السوري الحر، وهو ما اشار اليه البيان المشترك الصادر في نيويورك عن كل من تركيا، والولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا وألمانيا والسعودية وقطر، والذي طالب روسيا بالوقف الفوري عملياتها ضد المدنيين والمعارضة السورية، والتركيز على استهداف تنظيم الدولة (داعش) الإرهابي.

روسيا التي لم تنكر استهدافها للمعارضة السورية، بدت وكأنها تستخف بالمطالبات الدولية، حين قالت على لسان المتحدث باسم الرئاسة، ديميرتي بيسكوف: "روسيا تساعد في الحرب على داعش والمجموعات الارهابية والراديكالية الأخرى في سوريا. هل يوجد شيء اسمه الجيش السوري الحر؟ ألم تنتسب غالبيته الى داعش؟". كما أقرت روسيا بأن أختيار أهدافها العسكرية يتم من خلال التنسيق مع النظام السوري.

يأتي هذا في الوقت الذي لقي فيه 4 مدنيين مصرعهم وجرح 8 آخرون، في قصف للطائرات الروسية على مخيم أقامه المدنيون بالقرب من قرية بيلوم في منطقة جبل الزاوية بريف إدلب، مساء أمس الخميس، لتضافوا الى قائمة الضحايا الذين سقطوا في القصف الذي أوقع 36 مدنيا في اليوم الأول من العمليات العسكرية.

كما أكد أحمد الحسن، القائد الميداني في لواء "صقور الجبل" التابع للجيش السوري الحر، أنَّ هجمات روسية استهدفت معسكرا تدريبيا تابعا للجيش السوري الحر، بثلاثين صاروخا، مما أوقع 10 جرحى بينهم قياديان.

قال فلاديمير أفاتكوف، الخبير السياسي الدولي والمحاضر في جامعة موسكو للعلاقات الدولية، إن "هناك محدودية في المعلومات المتوفرة بشأن طبيعة المقاتلات التي شاركت في الغارات الجوية على سوريا، لكن ما هو مؤكد أن موسكو تسعى للحفاظ على مصالحها، وستفعل كل ما في وسعها لمنع أي تهديد لتواجدها في المنطقة"، في إشارة لقاعدة روسيا في طرطوس (أهم موانىء سوريا على البحر المتوسط) التي سيكون من الصعب استمرارها في حال سقوط نظام بشار الأسد.

متفقا معه، اعتبر منذر سليمان، مدير مركز الدراسات الأمريكية والعربية (غير حكومي) في واشنطن أن "روسيا حرصت على ان تضفي نوعا من الشرعية على دخولها في سوريا، بغض النظر عن طبيعة التصرف العسكري، حيث استندت على طلب رسمي من السلطة (النظام السوري) الذي ما يزال معترفا به رسميا من الأمم المتحدة، وذلك بغرض خدمة المصالح الاستراتيجية لها في المنطقةّ".

وملمحا إلى أن هدف الغارات ليس تنظيم داعش، أوضح سليمان عبر الهاتف، للأناضول: "كل ما تفعله روسيا حالياً هو الحفاظ على مصالحها من خلال تعديل ميزان القوى، كما انها لا تسعى أن تساعد سلباً أو إيجابا في الوصول إلى مرحلة الحل السياسي بشكل فوري، فقط تريد تكتيكيا أن تجعل الجميع حين ينتقلون إلى طاولة المفاوضات لبحث الحل السياسي يضعون مصالحها في اعتبارهم، وهذا ما قد تفرضه الواقعية السياسية على الجميع بما في ذلك الولايات المتحدة".

واستطرد سليمان: "من المتوقع ان تحصر موسكو عملها في المعونات اللوجستية والمخابراتية وسيبقى استخدام الطاقة النيرانية التي تمتلكها والمقاتلات في أغراض استهداف تفرعات القاعدة كما تقول رسميا، ولكن أيضا وفعليا لغرض تعزيز قوة الجيش السوري وحلفائه على الأرض بطريقة غير مباشرة، وذلك للحفاظ على مصالحها لحين التوصل إلى الحل السياسي".