الولايات المتحدة تدفع الثمن الأعلى في الخلاف السعودي القطري

إسطنبول
نشر في 12.09.2017 00:00
آخر تحديث في 13.09.2017 05:47

لابد للولايات المتحدة أن تعطي قرارات واضحة بشكل أفضل وإلا فلن تكون قادرة على متابعة سياساتها الخارجية بشكل متماسك قريبا.

فجأة، ثار خلاف دبلوماسي بين قطر ومجموعة من الدول هي السعودية والإمارات والبحرين ومصر. كان السبب العميق وراء الأزمة هو استمرار التنافس بين السعودية وإيران، إلى جانب بعض خيارات قطر التي لم ترض الكتلة السعودية، وبالطبع كان هناك دور للنفط والغاز الطبيعي اللذين يشكلان دائما عوامل في أزمات هذه المنطقة.

وقد قدمت هذه البلدان العربية الأربع قائمة من الشروط إلى قطر من أجل رفع العقوبات التي فرضتها عليها ما جعل الأمور تزداد سوءًا، لأنه يستحيل على أي بلد مستقل أن يقبل هكذا شروط. وقد اتهمت قطر بأنها تدعم الإرهاب، فيما كانت مطالبات الدول المحاصرة لها تخلص إلى نتيجة بأن تصبح قطر نوعا من دولة تابعة أو مقاطعة من المملكة العربية السعودية. ورفضت قطر الأمر بطبيعة الحال.

في غضون ذلك، عرض عدد من البلدان الوساطة، بما في ذلك الولايات المتحدة. الولايات المتحدة لديها علاقات وثيقة مع كل من المملكة العربية السعودية وقطر، بما في ذلك امتلاكها لقواعد عسكرية كبيرة في البلدين، لذلك لم يكن من الصواب لواشنطن تفضيل طرف على آخر في الصراع. وقد أثبتت الولايات المتحدة أن ليس لديها نية لقطع العلاقات مع أي من هذه البلدان، كما استمرت في توقيع اتفاقات مبيعات أسلحة مربحة جدا مع كل من السعوديين والقطريين خلال الأزمة.

وخلال الأسبوع الماضي دعا أمير قطر ولي العهد السعودي إلى الجلوس والتفاوض بشأن المطالب، من أجل إيجاد حل للأزمة. وبعبارة أخرى، أوضح عزمه على إنهاء النزاع سلميا من خلال المفاوضات الدبلوماسية.

كانت مبادرة مثيرة للاهتمام لأنها جاءت مفاجئة في اللحظة التي كان العالم بأسره قد نسي تقريبا أن ثمة أزمة بين السعودية وقطر. وكان الضغط الأمريكي السبب الرئيسي وراء هذه الدعوة على ما يبدو. وأوضح الجانبان أن الرئيس الأمريكى دونالد ترامب دعاهما وطلب منهما إيجاد حل للأزمة في أقرب وقت ممكن. ويبدو أن ترامب يعتقد أن الأزمة يمكن حلها بسهولة إلى حد ما، وهو يعلم أن إيران وحدها هي التي تستفيد من الصدع بين الحلفاء الأمريكيين في الخليج. ولا تزال الولايات المتحدة لا تعتزم الاختيار بين حلفائها، لذلك فهي تريد منهم أن يتصرفوا معا مثلما كانوا من قبل.

المشكلة هي أن التفاوض والمصالحة ليستا عملية انفرادية، فمن المفترض أن تجد الأطراف المتفاوضة أرضية مشتركة إذا أرادت التوصل إلى اتفاق عادل. بعبارة أخرى، إذا قبلت قطر بعض المطالب، يجب على السعوديين أن يفهموا أنهم لا يستطيعون فرض إرادتهم بشكل كامل على قطر، التي تعتزم البقاء مستقلة. ومع ذلك، ربما كان السعوديون غير راغبين في التوصل إلى حل توفيقي، لذا رفضوا اقتراح قطر بالتفاوض.

واتهمت السلطات السعودية قطر بعدم الصراحة وكررت مطالباتها. هذه دورة مفرغة، فمن الواضح أن قطر لن تطالب بالتفاوض للموافقة على جميع مطالب السعودية. وإذا لم تقبل المملكة العربية السعودية مبدأ تقديم التنازلات، فما هي نقطة التفاوض؟

ربما تدرك الولايات المتحدة، التي تلعب دور الوساطة، أن السعوديين ليس لديهم نية للتفاوض مع قطر. لذلك ربما تفضل السعودية التفاوض مباشرة مع الولايات المتحدة.

قررت إدارة الرئيس السابق باراك أوباما أن تنأى بنفسها عن السعوديين، لكن ترامب حاول حقا تصحيح ذلك. ومع ذلك، فإن الولايات المتحدة لديها مشكلة في تقرير من هم أصدقاؤها الحقيقيون ومن أعداؤها. فهي تغضب كل من السعودية وإيران، وتزداد علاقاتها تفاقما مع روسيا والاتحاد الأوروبي، وتريد التعاون مع كل من تركيا وتنظيم "ب ي د" الإرهابي الذراع السوري لمنظمة "بي كا كا" الانفصالية الإرهابية، وتتحدث عن فرض عقوبات على الصين بينما تطلب من بكين الضغط على كوريا الشمالية.

لا بد للولايات المتحدة أن تعطي قرارات واضحة بشكل أفضل وإلا فلن تكون قادرة على متابعة سياساتها الخارجية بشكل متماسك قريبا. وإذا أثبتت الولايات المتحدة أنها غير قادرة على وضع الخطط، فقد تصبح مهددة بخطط الآخرين.

تنبيه قانوني: تنبيه قانوني: جميع حقوق النشر والاستخدام للأخبار والمقالات المنشورة ملك مؤسسة "تركواز ميديا جروب" Turkuvaz Medya Grubu'. ولا يجوز اقتباس أي مقال أو خبر بالكامل حتى مع ذكر المصدر دون الحصول على إذن خاص.
يجوز اقتباس جزء من أي مقال أو خبر بشرط وضع رابط مباشر للمقال أو الخبر المقتبس.. من فضلك اضغط هنا لقراءة التفاصيل اضغط.