خطة واشنطن وراء تحذير رعاياها من السفر إلى تركيا

اسطنبول
نشر في 16.01.2018 00:00
آخر تحديث في 16.01.2018 19:19

أعلنت الولايات المتحدة إجراءات سفر جديدة لمواطنيها الراغبين فى زيارة تركيا، مدعية أن تركيا دولة "تواجه مخاطر أمنية متزايدة". ومن ثم فإن المواطنين الأمريكيين مطالبون بإعادة النظر في التوجه إلى تركيا "بسبب الإرهاب والاعتقالات التعسفية". وربما كانت الاعتقالات التي تشير إليها هي تلك المتعلقة بالمواطنين الأتراك المشهورين الذين كانوا يعملون في البعثات الدبلوماسية الأمريكية في تركيا.

ومن المثير للاهتمام أن الولايات المتحدة قلقة جدا على مواطنيها الذين قد يتم القبض عليهم في الخارج. الولايات المتحدة نفسها هي بلد يتم فيه اعتقال العديد من الأجانب. ولا تتردد السلطات الأمريكية حتى في اعتقال موظفي الخدمة المدنية الأجانب، كما رأينا في حالة موظف رفيع المستوى في مصرف عام تركي.

إن التحذيرات الأمنية تُذَكّر أيضا بخطر وقوع هجمات إرهابية، ولكن هل هناك أي بلد في عالم اليوم لا يوجد فيه مثل هذا الخطر؟ هل الولايات المتحدة بلد آمن، بهذا المعنى؟.

إن موقف الولايات المتحدة تجاه تركيا قد نما سلبيا حتى إن المرء ليعتقد أن واشنطن تتعامل مع تركيا كما لو كانت دولة مارقة. نحن لسنا كيانا معاديا مثل إيران أو كوريا الشمالية، لأننا لا نملك برنامجا نوويا، ولسنا شيوعيين. ومع ذلك، فإن القائمة التي وضعت واشنطن فيها تركيا تشمل باكستان والسودان وفنزويلا وروسيا وغواتيمالا. وكما قد تلاحظون، فإن تركيا هي البلد الوحيد في تلك القائمة العضوة في حلف شمال الأطلسي ومجلس أوروبا.

ومع ذلك، يبدو أن هذه القائمة ليست سيئة كمثل قائمة أخرى ذكرها مؤخرا الرئيس الأمريكي دونالد ترامب. إذ يعتقد ترامب أن دول مثل هايتي والسلفادور أو غيرها من البلدان الواقعة في إفريقيا هي مجرد "أوكار قذرة". للوهلة الأولى سيفترض المرء أن الولايات المتحدة قد حذرت مواطنيها أيضا من الذهاب إلى تلك البلدان، ولكن ذلك لم يحدث، فما لا يريده الرئيس أساسا هو أن يأتي الناس من تلك البلدان إلى الولايات المتحدة.

ويبدو أن الرئيس يشعر بالقلق إزاء الأشخاص القادمين للولايات المتحدة من تلك "الدول الحثالة" كما وصفها، ربما لأنه يعتقد أنه بذلك يجعل بلده أكثر أمنا. دعونا نعطه نصيحة: إذا كان يشعر الناس من تلك الدول أن الكثير منهم، قد يلقى عليهم القبض لدى عبورهم أو وجودهم في الولايات المتحدة. فبذلك ستتشكل فكرة لدى الأجانب من تلك الدول أن هذا البلد يقوم بالقبض على الأجانب داخله بكل سهولة.

بل إنه قد ينسخ ما فعله أحد أسلافه، جورج دبليو بوش. إذ تمكن من بناء مراكز احتجاز ضخمة مثل خليج غوانتانامو بكوبا. وربما هذا سيعطيه فرصة لشرح كيف أن الولايات المتحدة قادرة على الحفاظ على قاعدة عسكرية في كوبا، التي يفترض أنها دولة معادية.

وللحقيقة، ليس من السهل فهم ما تحاول الولايات المتحدة تحقيقه من خلال معاملة تركيا بهذا الشكل. وهذا بالتأكيد لا يخدم العلاقة الإستراتيجية بين بلدينا؛ إلى جانب ذلك، فإنه يزيد المشاعر المعادية لأمريكا في تركيا. إذا كان هدفهم هو إضعاف الحكومة الحالية، فإن هذا الأمر لن يحدث. أو إذا كان الأمر يتعلق باستبدال الحزب الحاكم في تركيا بحزب آخر، فهذا الأسلوب لا ينفع لأن أي حزب سياسي تركي سيشعر بالهلع مما تفعله الولايات المتحدة في الوقت الحالي. إذا كان لدى الشعب التركي مشاعر قوية معادية للولايات المتحدة، فهناك سبب لذلك. والإدارة الأمريكية الحالية لا تساعد فى هذه الأجواء.

الموقف العام للولايات المتحدة تجاه تركيا هو فقط محاولة لدفع الأخيرة إلى الأسلحة الروسية. ونحن نتساءل عما إذا كان هذا متعمدا. إذا كان الأمر كذلك، ربما تخطط واشنطن لإنقاذ تركيا من روسيا عندما تصل اللحظة المناسبة. ومع ذلك، لا يوجد أي ضمان على الإطلاق بأن هذا النوع من "الادخار" سيعمل لأن روسيا ليست روسيا القديمة. إلى جانب ذلك، ومع تزايد المعاداة لأمريكا في المجتمع التركي، ربما لا يريد الأتراك أن تنقذهم الولايات المتحدة بعد كل ما يحدث. أو ربما لا توجد حسابات وخطط على الجانب الأمريكي على الإطلاق. وربما واشنطن هي حقا في حالة من الفوضى، كما جاء في كتاب مايكل وولف "النار والغضب".

تنبيه قانوني: تنبيه قانوني: جميع حقوق النشر والاستخدام للأخبار والمقالات المنشورة ملك مؤسسة "تركواز ميديا جروب" Turkuvaz Medya Grubu'. ولا يجوز اقتباس أي مقال أو خبر بالكامل حتى مع ذكر المصدر دون الحصول على إذن خاص.
يجوز اقتباس جزء من أي مقال أو خبر بشرط وضع رابط مباشر للمقال أو الخبر المقتبس.. من فضلك اضغط هنا لقراءة التفاصيل اضغط.