إذا كانت أمريكا صادقة فعليها حماية الأكراد من ب كا كا وي ب ك

إسطنبول
نشر في 11.01.2019 00:00
آخر تحديث في 11.01.2019 20:46

السفير الأمريكي السابق في تركيا "فرانسيس ريكاردوني" قال عام 2012 إن تنظيم بي كا كا لم يفعل شيئًا لمساعدة المواطنين الأكراد. على العكس، لقد قتلوا الأكراد أكثر من أي جهة أخرى. ومع ذلك، هذه الحقائق الملموسة تبدو الآن مثل الغبار والرمال في عيون الأمريكيين.

أنا حقا لا أفهم ما هو الخطأ في الإدارات الأمريكية. هل هم يمازحوننا أم أنهم يعتقدون أننا أغبياء؟ بتعجل لافت، توجه وزير الخارجية الأمريكي "مايك بومبيو" ومستشار الأمن القومي للرئيس ترامب "جون بولتون" إلى الشرق الأوسط للسيطرة على الأضرار بعد قرار ترامب الانسحاب من سوريا، من الواضح أن هناك الكثير على الطاولة للتحدث عنه أوله مواجهة إيران.

لكن المشكلة الرئيسية بالنسبة إليهم هي "ب ي د"، هو الفرع السوري من "ب كا كا" وجناحه المسلح في سوريا، اضافة إلى مليشيا "ي ب ك".

كل أولئك الساسة انطلقوا من قاعدة واحدة هي مزاعم الولايات المتحدة في سوريا، بدءاً بمنع الأتراك من "ذبح الأكراد". بالطبع، هم يقصدون "ب ي د" و"ي ب ك". إنهم لا يقومون فقط بتضليل العامة عن طريق إظهار "ب كا كا" وفرعه السوري على أنهم "الأكراد"، لكنهم يستخدمون أيضاً كلمات واهمة مثل "الذبح"، وهي مزاعم زائفة وغير محترمة.

ونخص بالذكر اتهام جون بولتون الزائف ضد تركيا حين ادعى أننا لم نقاتل داعش أبدا، كانت تلك القشة الأخيرة. وكما كتب الرئيس رجب طيب أردوغان في مقال نشر مؤخراً في نيويورك تايمز، كانت تركيا أول دولة تنشر قوات على الأرض لمحاربة داعش في سوريا. لقد ضمنت تركيا عدم وصول منظمة إرهابية سيئة السمعة إلى حدود دول الناتو وحالت دون قدرتها على تنفيذ هجمات إرهابية في تركيا وأوروبا.

وأردوغان بالنسبة إلى داعش هو "الشيطان الغادر" والتهديد الحقيقي، حيث كانت داعش تقدم نفسها على أنها "الدولة الإسلامية". ففي الوقت الذي يتهم فيه بولتون تركيا، كان عليه في الواقع أن يشكرنا.

عنف "ي ب ك" ضد الأكراد في سوريا:

أعلن تنظيم "ب ي د" الإرهابي عام 2014 أنه أسس ثلاثة كانتونات "عفرين وكوباني والجزيرة". وزعم أن المنطقة التي سيطروا عليها ستكون منطقة فدرالية تسمى "روج آفا". الواقع أن نظام الأسد تراجع من تلك المناطق في شمال سوريا، وترك "ي ب ك" يقوم بقمع الأكراد والعرب والتركمان فيها ومنعهم من الانضمام إلى الجماعات المعارضة المناهضة لنظامه.

واضطر ما لا يقل عن 300.000 كردي إلى الفرار باتجاه العراق، ولجأ ما لا يقل عن 200.000 إلى تركيا منذ أن قامت مليشيا "ي ب ك" بإشاعة الكراهية ضد الأكراد كما فعل داعش والنظام السوري تماماً.

لقد احتكرت مليشيا "ي ب ك" السلطة في تلك المناطق. والواقع أن هذا التنظيم المشين رأى في الحرب الأهلية السورية فرصة جديدة لبدء هجماته الإرهابية في تركيا. كما استأنف "بي كا كا" هجماته على تركيا في عام 2015، مخترقا وقف إطلاق النار الذي كان جزءًا من عملية سلام بدأها رئيس الوزراء آنذاك رجب طيب أردوغان، وهو أول زعيم في البلاد يُقدم على ذلك.

لقد أصبح تنظيم "ب كا كا" أجرأ من ذي قبل بكثير، بسبب دعم التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة لفرعه في سوريا مليشيا "ي ب ك". ولم يخف تنظيم بي كا كا الارهابي نواياه وأعلن غير مرة أن الحرب الأهلية السورية ستعبر الحدود إلى تركيا.

واليوم نرى وسائل الإعلام الغربية خرساء حيال ممارسات التنظيمات الإرهابية ولا تتحدث عن انتهاكات حقوق الإنسان، بما في ذلك التعذيب والاغتصاب وغيرها من أعمال العنف الجنسي ضد جميع الأشخاص في سوريا، التي ترتكبها مليشيات "ي ب ك" الغاشمة. كذلك فإن واشنطن لا تهتم بتعذيب أولئك الناس مثل "حرق والتهديد بحرق الأعضاء التناسلية باستخدام ولاعات السجائر"، والهجرة القسرية، والاعتقال والقتل العشوائي". كل ما يهتمون به هو ذراع بي كا كا في سوريا، والذي يشيرون إليه على أنه "الأكراد"، بطريقة تتجاهل وتهين الملايين من الأكراد الذين لم يقبلوا أبداً الجماعة الإرهابية ممثلين لهم. وفقاً لساسة واشنطن، الهدف هو حماية "ي ب ك" الارهابي، والباقي يمكن أن يذهب إلى الجحيم.

لقد كتم تنظيم "ب ي د" الإرهابي جميع أصوات الناشطين الأكراد الآخرين، وتجاهلت الولايات المتحدة ذلك. المئات من الأكراد اعتقلوا كسجناء سياسيين. ووفقا للنشطاء الأكراد، تم اختطاف 150 شخصًا من قبل مليشيا "ي ب ك" وحدها. وذكرت تقارير لـمنظمة حقوق الانسان "هيومن رايتس ووتش"، أنه يوجد الكثير من التعذيب وسوء المعاملة والقتل في سجون "ي ب ك". اضافة إلى أن اغتيال العديد من القادة الأكراد الآخرين لم يتوقف أبدا، بل استمر إلى أن تمكن التنظيم الارهابي من السيطرة الكاملة على تلك المناطق. كل ذلك تم تجاهله من قبل الأمريكيين. لقد أصبحوا بسبب تغافل الأمريكيين عنهم أكثر جرأة ولم يجدوا من يوقفهم. حتى الولايات المتحدة لم تحاول منعهم.

وماذا عن تجنيد الأطفال؟

لقد وثّق تقرير "هيومان رايتس ووتش" الصادر في 107 صفحات، والمعنون باسم "الحكم الكردي: الانتهاكات في الجيوب التي يديرها تنظيم ب ي د" ، وثق استخدام الأطفال من قبل "ي ب ك"، وهو انتهاك للقانون الدولي، من بين العديد من الانتهاكات الأخرى. فهل اهتمت الولايات المتحدة بذلك؟ بالطبع لا.

عنف "ب ك ك" ضد الأكراد في تركيا:

دعوني أعطِ مثالاً واحداً فقط لما فعلوه مؤخراً في تركيا عندما تبنوا فكرة عبور الحرب الأهلية السورية إلى تركيا. في 12 مايو 2016، بعد أن قرر تنظيم بي كا كا الانسحاب من محادثات السلام مع تركيا واستئناف الحرب، قُتل 13 كرديا في انفجار دبره التنظيم سيئ السمعة، على طريق قرب "دوليمو" في ديار بكر. وقال التنظيم في بيان له إن القنبلة انفجرت عن طريق الخطأ، لأن الشاحنة المحملة بالمتفجرات كانت متجهة إلى ديار بكر، وكأن 15 طنا من المتفجرات المتجهة إلى مدينة مكتظة بالسكان أمر طبيعي جدا.

وقد كانت بعض تلك المتفجرات مخفية في مخابئ تحت الأرض خلال محادثات السلام، مما يعطي الدليل على أن هذا التنظيم الارهابي لم تكن لديه أية نية لصنع السلام، بينما تم نقل الباقي من العبوات الناسفة والمتفجرات إلى مخازن "ي ب ك" عبر الحدود التركية السورية، تلك المعدات التي وفرها التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة.

وكالات الأنباء العالمية، ذات الصدقية الملتوية تغافلت عن إرهاب بي كا كا وعنفه، وأفادت بأن الانفجار المروع كان مجرد حادث وليس للتنظيم الارهابي أي دور في هذه المأساة. ومع ذلك، بدا التنظيم ذاته أكثر جرأة. حيث أصدر بياناً، اتهم فيه المدنيين الذين فقدوا أرواحهم في الانفجار أنهم حاولوا منع الشاحنة من دخول ديار بكر. وعليه، فهؤلاء المدنيون كانوا "متعاونين مع الدولة" -وهو مصطلح يستخدمه عادة بي كا كا لتحديد الأكراد المناهضين له. ترك الانفجار حفرة عمقها 5 أمتار وعرضها 35 مترا على الطريق.

إذاً ما الذي كان سيحدث لو تم نقل المتفجرات إلى داخل المدينة بنجاح، تخيل حجم الانفجار الذي كان سيحدث في مدينة ديار بكر.

لقد تم جمع رفات 13 من الشهداء الأكراد، من الذين أوقفوا الشاحنة ببطولة، في أكياس، ودفنوا بكرامة. ولم يتم العثور على جثث، ولا حتى أجزاء بشرية، لم يتم العثور إلا على 60 كيلوغراما من الدم والسوائل من بين 13 ضحية لهذا التنظيم الإرهابي العنيف الذي يدّعي أنه هو المدافع الوحيد عن القضية الكردية.

لقد استخدم تنظيم بي كا كا نفس الأساليب لأكثر من أربعة عقود. ففي عام 1984، بدأ التنظيم الانفصالي شن حرب ضد تركيا. وأسفرت هجمات الإرهابيين عن مقتل مئات المدنيين والعسكريين. لكنني أؤكد مرة أخرى أنني لا أتحدث هنا عن عدد الأتراك الذين قتلوا على يد الجماعة الارهابية، إذ يبدو أن أحداً لم يعد يهتم بذلك بعد الكثير من الدعاية التي ينشرها التنظيم في جميع أنحاء العالم. لكن دعوني أعطِ بعض الأمثلة على مقتل الأكراد على يد بي كا كا منذ تأسيس هذه المنظمة الإرهابية.

الرعب والإرهاب خلال سنة واحدة فقط:

دعوني أتحدث اليوم عن أحداث سنة واحدة فقط. كان ذلك في عام 1992. في منتصف مارس، قام أعضاء تنظيم بي كا كا الارهابي بشنق ثلاثة أشخاص في جنوب شرق تركيا، حيث معظم السكان هم من الأكراد. كانت الأوراق النقدية محشوة في أفواههم، في إشارة معروفة من قبل التنظيم الإرهابي بأنهم يعتبرون الضحايا من المتعاونين مع الدولة.

في 28 مايو / أيار من نفس العام، قتل التنظيم الإرهابي ثلاثة مدنيين أكراد هم "هوسو إيشليك" و"زبير أواساك" و"سيلال كايا"، في قرية في ولاية بينجول بعد أن رفضوا التعاون معه. وأجبروا سكان القرية على مشاهدة عمليات الإعدام. وبالطبع كان الهدف هو إعطاء درس.

في 29 مايو من العام ذاته، تم العثور على جثة أحد حراس القرى هو "حسين أكسوي"، الذي كان رجلاً كرديًا خطفه تنظيم بي كا كا وقد تم شنقه على عمود كهرباء على الطريق بين "سيزر" و"إديل".

كما أعدم مسلحو التنظيم المجرم كردياً آخر هو "محمد داسدلين"، في قرية "باشكالي" في منطقة "ديغر" في" قارس" في 2 يونيو من ذلك العام، مدعين أنه كان من مؤيدي الحكومة التركية.

في نفس اليوم، تم العثور على جثة كردي آخر، هو "عبد الرحمن أي"، معلقة على عمود الهاتف في قرية

"ألاكامش"، وهو عضو في حزب الوطن في البرلمان التركي وعضو في مجلس بلدية "إيدل"، كانوا قد خنقوه بحبل.

في 20 يونيو، تم العثور على جثة كردي آخر هو "هاميت أورن"، متدلية من شجرة في منطقة أولوديار في شرناق.

ولم يتردد تنظيم بي كا كا أبدا في إعلان مسؤوليته عن عمليات القتل تلك. فإذا كان هناك من يهتم حقا بما فعله التنظيم، وكيف أن فروعه في سوريا والعراق وإيران ماضية في نشر الرعب والإرهاب، فمن السهل العثور على العديد من التقارير، حتى باللغة الإنجليزية، وقد كتبتها جماعات حقوق الإنسان المستقلة.

هل ترغب أن أتوقف أو أستمر باستعراض المزيد مما حدث عام 1992؟

لقد قتل تنظيم بي كا كا 14 قرويا كرديا في ذلك العام أيضاً في 22 يونيو.

كان منهم تسعة من الأطفال، كذلك أصابوا ثمانية آخرين في غارات في قرية "سيكي" في ولاية "باتمان" وفي "غورمايك" في ولاية "بيتليس".

وفي أواخر يونيو / حزيران، قتلت جماعة من التنظيم الإرهابي خمسة أكراد، بينهم أحد أفراد حراس القرى، في هجوم على قرية "إلماسيرتي" في إقليم "بينغول".

في 26 يونيو، قتل التنظيم الارهابي 10 من الأكراد في مسجد في ديار بكر. وقام 30 من أعضاء التنظيم باقتياد رجال من المسجد، وربطوا أيديهم وأطلقوا عليهم النار بأسلحة أوتوماتيكية.

وفي 27 يوليو / تموز، أوقف متشددو التنظيم حافلة بالقرب من منطقة "مازدادي" في ولاية ماردين وقتلوا كردياً يبلغ من العمر 55 عاماً، والذي كان ابنه من حراس القرى.

هاجم أعضاء التنظيم قرية "آشكال" في "آوري" في 17 أغسطس / آب من نفس العام، وأعدموا "محمود إينسكايا" البالغ من العمر 30 عاماً، لمجرد أنه لم يدعمهم. كما تم العثور على جثة الكردي "عبد الرحمن أككوس"، الذي اختطفه مسلحو التنظيم في 9 سبتمبر من قرية "يوزباشلار"، وهي معلقة على عمود كهرباء في "إديرار". وذكر منشور كان معلقاً على الجثة أن "أككوس" قد قُتل "لأنه كان مخبرا ومؤيدا للدولة".

لقد وجدتُ بعض هذه المعلومات في تقارير قديمة جدًا أثناء بحثي على مواقع مجموعات حقوق الإنسان مثل موقع "هلسنكي" و"هيومان رايتس ووتش". ومع ذلك، فمن المؤسف جدا أن نرى منظمات حقوق الإنسان قد اعتادت إغفال التشهير بتنظيم بي كا كا وعنف فروعه.

إن عمليات زرع الألغام واغتيال الناس واختطاف الأطفال وعمليات الخطف والاحتجاز لمدة طويلة، والاتجار بالمخدرات، وأكثر من ذلك بكثير قد نفذها أعضاء التنظيم بالفعل. كل ما تورطت فيه هذه المجموعة الإرهابية قذر. بالطبع، لا أحد يدّعي أن الأكراد لم يتعرضوا للقمع في الماضي. والممارسات القمعية ضدهم يعود تاريخها إلى حقبة مصطفى كمال أتاتورك وإنشاء الجمهورية التركية في عام 1923. لقد تم آنذاك حظر اللغة الكردية والمدارس الكردية والمنشورات الكردية والجمعيات الكردية والأسماء الكردية والموسيقى الكردية. ومع ذلك، رفع الرئيس أردوغان تلك القيود عن الأكراد بعد وصول حزب العدالة والتنمية إلى السلطة. وكان هو الزعيم الأول الذي بدأ عملية سلام تهدف إلى وقف العنف. حتى السفير الأمريكي السابق في تركيا "فرانسيس ريكاردوني" قال عام 2012 إن تنظيم بي كا كا لم يفعل شيئًا لمساعدة المواطنين الأكراد. على العكس، لقد قتلوا الأكراد أكثر من أي جهة أخرى.

ومع ذلك، هذه الحقائق الملموسة تبدو الآن مثل الغبار والرمال في عيون الأمريكيين. هذا كل شيء في الوقت الحالي، لكنني سأواصل الكتابة عن عنف التنظيم وإرهابه ضد الأكراد وغيرهم.

تنبيه قانوني: تنبيه قانوني: جميع حقوق النشر والاستخدام للأخبار والمقالات المنشورة ملك مؤسسة "تركواز ميديا جروب" Turkuvaz Medya Grubu'. ولا يجوز اقتباس أي مقال أو خبر بالكامل حتى مع ذكر المصدر دون الحصول على إذن خاص.
يجوز اقتباس جزء من أي مقال أو خبر بشرط وضع رابط مباشر للمقال أو الخبر المقتبس.. من فضلك اضغط هنا لقراءة التفاصيل اضغط.