"تجمع الشهداء والديمقراطية".. حينما ينبذ الأتراك خلافاتهم من أجل الوطن

ديلي صباح ووكالات
اسطنبول
نشر في 08.08.2016 00:00
آخر تحديث في 08.08.2016 14:38
EPA EPA

أظهرت المحاولة الانقلابية الفاشلة التي شهدتها تركيا في الخامس عشر من يوليو/تموز الماضي مدى وعي الشعب التركي واعتزازه بديمقراطيته، وقدرته بمختلف أطيافه وطبقاته على نبذ الخلافات فيما بينهم والاتحاد من أجل مصلحة الوطن.

فلم تظهر من أي التيارات السياسية في البلاد أصوات مؤيدة للانقلاب مهما كانت توجهاتها الفكرية والسياسية.

وكان العامل الأكبر في نجاح عملية القضاء على المحاولة الانقلابية هو صمود الشعب التركي في وجه الانقلابيين وخروجه إلى الشوارع والميادين دفاعاً عن وطنه وديمقراطيته، واستمراره بعد ذلك لأكثر من 20 يوماً في "مناوبات حراسة الديمقراطية" التي شهدت أيضاً تكاتف الشعب التركي على اختلاف توجهاته السياسية والأيديولوجية، والتي توجت بتجمع مليوني يُعد واحداً من أكبر التجمعات الجماهيرية في تاريخ تركيا، شارك فيه قرابة الخمسة ملايين مواطن أمس الأحد، بميدان يني قابي في اسطنبول.

حضر التجمع التاريخي كل من رئيس الجمهورية رجب طيب أردوغان، ورئيس الوزراء بن علي يلدريم، ورئيس البرلمان إسماعيل قهرمان، رئيس الأركان العامة الفريق أول خلوصي آقار.

كما حضر كمال قليتشدار أوغلو زعيم حزب الشعب الجمهوري (أكبر أحزاب المعارضة)، ودولت باهتشه لي زعيم حزب الحركة القومية (ثاني أكبر حزب معارض في البلاد) في إشارة منهم إلى تكاتف كل التيارات السياسية في البلاد وتنحيتها خلافاتها السياسية جانباً من أجل إعلاء مصلحة الوطن.

كما شارك في التجمع رئيس الشؤون الدينية محمد غورماز، وممثلو الديانات الأخرى. إضافة إلى عدد كبير جداً من الفنانين ومشاهير المجتمع التركي.

وألقى الزعماء السياسيون كلمات من منصة التجمع الجماهيري أكدوا فيها على ضرورة تكاتف كل أفراد المجتمع وتوحيد جهود التيارات السياسية من أجل مصلحة البلاد.

ووصف رئيس الأركان العامة الفريق أول خلوصي آقار خلال كلمته المحاولة الفاشلة التي قامت بها شرذمة داخل الجيش من أتباع منظمة "الكيان الموازي"، بالخيانة الكبيرة التي استهدفت الشعب والوطن.
وأشار أقار إلى أنّ القوات المسلحة التركية بكامل أركانها تخضع لإمرة الشعب، مشيراً أنّ هيئته تتبنّى مبدأ أساسياً واحداً ألا هو "السيادة المطلقة للشعب"، لافتاً في هذا السياق إلى أنّ عناصر القوات المسلحة الذين يحبون وطنهم وشعبهم وعلمهم بريئون من منظمة "غولن" الإرهابية.

أما زعيم حزب الشعب الجمهوري، كمال قليتشدار أوغلو فأكد خلال كلمته أنه يجب الدفاع عن الديمقراطية تحت أي ظرف، مشيراً إلى أن تركيا تعيش يومًا مهماً لأن الحياة السياسية فيها خطت خطوة كبيرة في تاريخها الديمقراطي.

وأشاد قليتشدار أوغلو بالشعب الذي "استخدم قوته في مقاومة المحاولة الانقلابية من خلال مواجهة الدبابات بالصدور العارية لحماية الديمقراطية"، لافتاً أن "الشهداء الـ 240، الذين سقطوا خلال تصديهم لمحاولة الانقلاب، كُتبت أسماؤهم في تاريخ ديمقراطية تركيا الذهبي"، مؤكدا على "عدم نسيانهم."

وأضاف قائلاً: "لقد بدأت تركيا عهداً جديداً وإذا تمكّنا من حماية ثقافة التفاهم والتصالح التي نشهدها اليوم نكون قد أنشأنا بلداً جميلاً لأبنائنا".

أما زعيم حزب الحركة القومية دولت باهتشه لي، فأشاد بتصدي المواطنين للانقلاببين في 15 يوليو، مضيفاً: "لقد وقفنا بثبات وشجاعة رغم كل المؤامرات التي حيكت ضدنا ولقنّا الخونة درساً وأوقفنا الإرهابيين عند حدهم."

ووصف باهتشه لي محاولة الانقلاب الفاشلة في 15 يوليو/ تموز الماضي، بأنها "كانت محاولة احتلال وحملة دمار ومذبحة جديدة"، لافتاً إلى أن "أدوات الظلمة والخونة والإمبريالية، ارتدوا الزي العسكري التركي هذه المرة، ووجهوا أسلحة الشعب إلى الشعب."

وأكد رئيس الحزب أنه "لا توجد وسيلة للتخلص من عناصر منظمة فتح الله غولن وأسيادهم الذين استشروا كالسرطان في الدولة سوى تطهيرها منهم"، منتقداً "اختلاق الولايات المتحدة الأمريكية الأعذار لعدم تسليم فتح الله غولن، زعيم تنظيم الكيان الموازي الإرهابي لتركيا."


أما رئيس البرلمان إسماعيل قهرمان، فأكد أن عصر الانقلابات في تركيا قد انتهى، وأنه لن تجرؤ أأي قوة بعد الآن على القيام بمحاولة انقلاب.

واضاف قهرمان: "صمدنا في وجه من حاول الإيقاع بين أطياف مجتمعنا، والشعب التركي قد أعطاهم درساً قوياً في الصمود والتحدي"، مشيراً إلى أن الشعب التركي "عاقب على أكمل وجه خونة الوطن الذين تغلغلوا في مؤسسات الدولة."