الداعية سلمان العودة: تركيا نموذج ديمقراطي فريد في المنطقة

وكالة الأناضول للأنباء
اسطنبول
نشر في 09.08.2016 00:00
آخر تحديث في 09.08.2016 12:59
الداعية السعودي سلمان العودة صورة أرشيفية الداعية السعودي سلمان العودة (صورة أرشيفية)

قال الداعية الإسلامي السعودي الشهير "سلمان العودة" : إن "تركيا نموذج ديمقراطي لا مثيل له في المنطقة، لذلك كانت عملية الإنقلاب (الفاشلة) أسوأ ما يكون، وكانت بمثابة انقضاض على إنجازات ومشاريع كثيرة، ولو نجح الانقلاب، لا قدر الله، لرجعت البلاد عشرات السنين إلى الوراء."

وأضاف العودة في مقابلة مع وكالة "الأناضول" بمدينة اسطنبول : أن ليلة محاولة الانقلاب الفاشلة (منتصف الشهر الماضي) "كانت تاريخية بإمتياز، وكانت الحد الفاصل بين حالة الإحباط والأمل، لأن تركيا لم تعد دولة للأتراك (فقط)؛ بسبب أنها آوت الملايين من اللاجئين المسلمين".

وتابع: "تركيا نموذج ملهم، بسبب أننا نواجه التوغل الإيراني والإستحواذ الصهيوني في المنطقة العربية، كما أن تركيا تشكل مرحلة التفاؤل والأمل، وهي تحتفظ بعلاقات مميزة مع الدول العربية بشكل عام والسعودية بشكل خاص، وتسعى لتجميل هذه العلاقات".

وأشار "العودة"، إلى أن "الناس الذين رحبوا بالإنقلاب،هم أنفسهم الذين نسمع منهم كلمات رومانسية فيما يتعلق بالأمن الصهيوني، لكننا في الوقت ذاته نسمع منهم كلمات القوة والإنفعال إذا كان الأمر يتعلق بدولة عربية أو إسلامية، والعالم عبًّر عن دعمه للشرعية بصوت خفيض."

وأكمل: "هذا يوحي أن ساسة الغرب ما زالوا يتصرفون وفق أحقاد الحملات الصليبية، وثبت بوضوح أن أوروبا وأمريكا عندهم الخوف الحقيقي من الإسلام، وأنه تبعاً لذلك ليس لديهم مشكلة أن تنزلق تركيا مثل مصر أو سوريا أو العراق، وحتى لو أدى ذلك إلى أن تتضاعف العمليات الإرهابية في الغرب، لكنهم يرون أنهم يدفعون شراً أعظم عن أنفسهم وهو القوة الإسلامية المتصاعدة والنامية في تركيا بحسب رأيهم".

وضرب "العودة" مثلا بأن "أمريكا أبدت أكثر من مرة قلقها من قانون إعلان الطوارئ والتوقيفات التي تجري (بتركيا)، وأنا أتذكر أحداث سبتمبر (أيلول 2001) في أمريكا، ولم يكن وقتها حدث يختطف الدولة، بل إنما عملاً إرهابياً في منطقة معينة، وهو عمل بكل حال مدان".

واستدرك: "لكن أمريكا بعد هذه الحالات غيّرت كل سياساتها، وحتى في حقوق الإنسان لسنوات طويلة، واعتقلت الكثيرين، وأنشأت سجون بعيدة عن الرقابة، وشنّت حرباً على أفغانستان واحتلت دولاً عربية، ثم دمرت العمل الخيري في العالم كله، ولاحقت الملايين من الناس حول العالم، ومن المعيب أن ينتقد الإنسان دولاً على شيء وهو قد عمل عشرات أضعافه بمناسبات أقل أهمية"، (إشارة إلى الموقف الأمريكي تجاه تركيا( .

وخلال الأسبوع الماضي، أعرب كل من مدير الإستخبارات الوطنية الأمريكية (سي أي أيه)، جيمس كلابر، وقائد عمليات المنطقة الأمريكية الوسطى، الجنرال جوزيف فوتيل، في ندوة بمنتدى أسبن الأمني، بولاية كولورادو، عن قلقهما من "إبعاد وإقالة عدد كبير من المسؤولين العسكريين الأتراك"، ممن تورطوا في

محاولة الإنقلاب الفاشلة في 15 يوليو/تموز الماضي، بدعوى أن ذلك "قد يعرقل التعاون التركي-الأمريكي في مكافحة تنظيم داعش الإرهابي" .

الداعية الإسلامي السعودي، مضى موضحاً، قائلا: "المحاولة التي قامت بها جماعة فتح الله غولن، هي افتئات على الشعب التركي كله، وحتى على الحكومة وأحزاب المعارضة، والحقيقة نجد أن سمعة الإسلام اليوم في خطر، من خلال الأعمال الإرهابية والقتل وأشياء كثيرة جداً، وكانت هذه الجماعة تقدم نفسها في العالم على أساس الحب والتعايش والسلام، ثم نجدها الآن تقتل المئات وتصيب الآلاف من أبناء الشعب التركي".

ورأي "العودة"، أنه "لو نجح الإنقلاب، لكان من الطبيعي حينها أن نجد مصادمات داخل الشعب التركي، وقد تتحول إلى حرب أهلية، وستتجه تركيا إلى المجهول، فأين العقلانية ومبادئ التعايش التي تتبناها (منظمة غولن)"؟.

وتساءل الداعية السعودي: "ما هو المسوّغ من توريط الآلاف من العسكر في المواجهة مع شعبهم، وهذا الشيء سيصنع إشكالات كبيرة جداً، وهنالك مسألة التغرير بالناس التي تقوم بها الجماعة، حتى أن هنالك الكثير من الجنود الذين خرجوا لم يكونوا يعرفون أنهم يقومون بإنقلاب".,وتابع "العرب كانوا ينظرون إلى تجربة جماعة غولن على أنها تجربة إجتماعية وإقتصادية وتعليمية، لذلك تحول هذه الجماعة إلى كيان موازٍ أعطى دروس من الصعب أن تنسى باسم الإسلام والسلام".

وحول التقارب السعودي التركي، لفت "العودة"، إلى أن "هناك مصلحة للعرب والمسلمين من وراء تقارب البلدين، لأن السعودية بلد الحرمين وهي بلد محوري إسلامي، وتركيا أيضاً بلد تاريخي وإسلامي عريق، وكلاهما يحتاج إلى الآخر، ومتانة هذه العلاقة ورسوخها هو مصدر أمل للعرب والمسلمين".

وشهدت العاصمة أنقرة ومدينة اسطنبول (منتصف يوليو/تموز الماضي) محاولة إنقلابية فاشلة نفذتها عناصر محدودة من الجيش تتبع منظمة "فتح الله غولن" (الكيان الموازي) الإرهابية؛ حيث حاولت هذه العناصر السيطرة على مفاصل الدولة إلا أن خروج مظاهرات حاشدة في المدينتين ومختلف الولايات التركية أحبط المحاولة الإنقلابية.

وقوبلت المحاولة الإنقلابية الفاشلة بإحتجاجات شعبية عارمة في معظم المدن والولايات التركية؛ إذ توجه المواطنون بحشود غفيرة تجاه البرلمان ورئاسة الأركان بالعاصمة، ومطار أتاتورك بمدينة اسطنبول، ومديريات الأمن في عدد من المدن؛ ما أجبر آليات عسكرية كانت تنتشر حولها على الإنسحاب، وساهم بشكل كبير في إفشال المخطط الإنقلابي.

جدير بالذكر أن عناصر منظمة "فتح الله غولن" الإرهابية - غولن يقيم في الولايات المتحدة منذ عام 1999- قاموا منذ أعوام طويلة بالتغلغل في أجهزة الدولة، لا سيما في الشرطة والقضاء والجيش والمؤسسات

التعليمية، بهدف السيطرة على مفاصل الدولة؛ الأمر الذي برز بشكل واضح من خلال المحاولة الإنقلابية الفاشلة.

وبخصوص زيارة وفد سعودي للأراضي الإسرائيلية، قبل أيام، أشار "العودة" إلى أن "الموقف الشعبي في السعودية ضد التطبيع مع الكيان الإسرائيلي، كان ممتازاً، وهذا الشيء الذي حدث كان بمثابة بالون اختبار، عبر عن وعي الناس ونضجها، وأنهم ما زالوا يستحضرون عمق العداوة والخطر من الكيان الصهيوني، ولذلك هاشتاغ سعوديون ضد التطبيع (على تويتر) كان بمشاركة عالية، والتطبيع سيبقى شيئاً مستبعداً على صعيد الشعب والحكومة".

وأعلنت وزارة الخارجية الإسرائيلية، مؤخراً، عن زيارة وفد سعودي لأراضيها، برئاسة رئيس مركز الشرق الأوسط للدراسات الإستراتيجية (أنور عشقي)، فيما نقلت وكالة الأنباء السعودية الرسمية، عن مسؤول لم تسمه في وزارة الخارجية السعودية قوله إن المشاركين في الوفد "لا يمثلونها ولا علاقة لهم بأية جهة حكومية ولا يعكسون نظر حكومة السعودية".

وآنذاك، شارك سعوديون منهم مفكرون وكتاب ودعاة في موقع التواصل الاجتماعي "تويتر"، عبر هاشتاغ "سعوديون ضد التطبيع".