كيف يُنظر إلى زيارات أردوغان في الخارج من منظور عالمي؟

نشر في 17.05.2017 00:00
آخر تحديث في 18.05.2017 00:03

هناك بلدان مثل تركيا والهند يمكنها تسريع أو كبح جماح تطور الديناميكيات الدولية. مثل هذه البلدان تكتسب أهمية إستراتيجية وتمتلك أيضا القدرة على تخريب اللعبة التي وضعتها القوى الكبرى.

زار الرئيس رجب طيب أردوغان في فترة وجيزة عددا من الدول المؤثرة.؛فذهب أولا إلى روسيا للقاء نظيره فلاديمير بوتين، ثم توجه إلى الهند، وتوقف برهة قصيرة في الكويت. وبعد تلك الزيارات، توجه إلى الصين ومن هناك، توجه إلى الولايات المتحدة مباشرة، وهي زيارة ستليها زيارة إلى بروكسل للمشاركة في قمة الناتو.

اجتمع أردوغان بأقوى ثلاثة قادة في العالم، هم أيضا رؤساء القوى الثلاث الرئيسية في العالم، الولايات المتحدة وروسيا والصين. وبطبيعة الحال، كانت العلاقات الاقتصادية والتجارة المتبادلة والاستثمارات هي المواضيع الرئيسية لتلك الاجتماعات، لكن العلاقات السياسية والإستراتيجية قد نوقشت أيضا. وكانت التهديدات والمخاطر والفرص العالمية الجديدة، إلى جانب النظام العالمي الجديد الناشئ، حاضرة في خلفية هذه القمم.

من الواضح أن لكل بلد تصوره الخاص حول الشؤون العالمية، لأن مصالحه وتوقعاته مختلفة. ولكل بلد أيضا أولوياته الخاصة. هذه هي الطريقة التي تتصرف بها الولايات المتحدة وروسيا والصين أيضا. ومن المهم العلم، أن هذه البلدان الثلاثة لا تحتاج حقا إلى تركيا لتصميم منافساتها أو تعاونها، إذ يمكنها أن تفعل ذلك مباشرة مع بعضها بعضا. ويتحدث قادتهم في الوقت الحاضر مع بعضهم على وسائل الإعلام الاجتماعية. لهذا السبب، ليس سرا ما تتوقعه هذه القوى من بعضها، والموضوعات التي يتفقون عليها أو لا يتفقون عليها. ما هو غير واضح هو مواقف القوى الكبيرة الأخرى. وهذا أمر مهم لأن تلك القوى لها أيضاً تأثيرها في النظام العالمي.

وعلاوة عليه، هناك بلدان مثل تركيا والهند يمكنها تسريع أو كبح جماح تطور الديناميكيات الدولية. مثل هذه البلدان تكتسب أهمية إستراتيجية وتمتلك أيضا القدرة على تخريب اللعبة التي وضعتها القوى الكبرى. بعبارة أخرى، لا يمكن لهذه البلدان الإستراتيجية أن تفرض إرادتها على النظام الدولي وحدها؛ إلا أنها قادرة على تعطيل السيناريوهات التي أوجدها الآخرون.

إن لقاء أردوغان مع قادة كل هذه الدول الهامة قبل الذهاب إلى قمة الناتو يعني أن أولويات السياسة الخارجية التركية لا تقتصر على المنطقة المحيطة بتركيا فقط. فتركيا تقيّم مشاكلها الأمنية في سياق التطورات العالمية، لأنها تعرف أن مستقبل العديد من المشاكل الإقليمية يعتمد على العلاقات بين القوى الكبرى. لهذا السبب تعرف أنقرة أن قرار الولايات المتحدة إرسال الأسلحة إلى الجماعات الإرهابية الكردية السورية ليس مستقلا عن علاقات واشنطن مع روسيا.

ولذلك، فإن علاقات تركيا مع تلك القوى الكبرى لا يمكن فهمها من منظور ثنائي فقط. إن العلاقات الثنائية بين تركيا وهذه القوى تتأثر بالعلاقات الثنائية بين هذه القوى الكبرى نفسها. إلى جانب ذلك، كل موضوع سياسي أجنبي يتعلق بتركيا يرتبط بطريقة أو بأخرى بالحرب الأهلية في سوريا، ومن ثم بدور إيران في المنظومة، ومن ثم موقف إسرائيل من عدد من المواضيع.

وعندما يذكر المرء إيران وإسرائيل، كيف يمكنه أن يهمل الوضع السياسي في مصر والمملكة العربية السعودية؟ وكل هذه الأمور تتأثر بطريقة أو بأخرى بمستقبل الاتحاد الأوروبي.

باختصار، كل موضوع يوضع تحت تسمية "علاقات ثنائية" ليس، في الواقع، سوى قطعة في لغز أكبر. حيث إن كل هذه القضايا "الثنائية" هي "عالمية" تماما. ومن المؤسف القول إن البلدان الفردية ليس لديها أداة أفضل من الاجتماعات الثنائية لحل هذه المسائل، لأن الهياكل الدولية القائمة غير فعالة تماما. وستفقد هذه الهيئات الدولية تدريجيا الكفاءة القليلة التي تتمتع بها أيضا، لأن مؤتمرات القمة الثنائية أو الثلاثية أصبحت حجر الزاوية في النظام الدولي. وأصبحت المؤسسات والقواعد الدولية المصممة في أعقاب الحرب العالمية الثانية عديمة التأثير وعفا عليها الزمن.

تنبيه قانوني: تنبيه قانوني: جميع حقوق النشر والاستخدام للأخبار والمقالات المنشورة ملك مؤسسة "تركواز ميديا جروب" Turkuvaz Medya Grubu'. ولا يجوز اقتباس أي مقال أو خبر بالكامل حتى مع ذكر المصدر دون الحصول على إذن خاص.
يجوز اقتباس جزء من أي مقال أو خبر بشرط وضع رابط مباشر للمقال أو الخبر المقتبس.. من فضلك اضغط هنا لقراءة التفاصيل اضغط.