صفقة ترامب بوتين في قمة مجموعة العشرين بهامبورغ

إسطنبول
نشر في 11.07.2017 00:00
آخر تحديث في 12.07.2017 05:53

كان من بين أهم جوانب قمة مجموعة العشرين التي انعقدت في هامبورغ في مستهل الشهر الجاري، اللقاء الذي جمع الرئيس الأمريكى دونالد ترامب ونظيره الروسي فلاديمير بوتين. حتى وقت قريب، كان الزعيمان يتواصلان بشكل غير مباشر وأحيانا من خلال وسائل الإعلام، ولكن في النهاية أتيحت لهما الفرصة لتبادل الحديث مباشرة دون عوائق. ويبدو أن اللقاء قد انتهى إلى قرارات مثمرة وحاسمة.

وقد اتفق الرئيسان الروسي والأمريكي على شروط "ضبط المنافسة" القائمة بين البلدين. وهذا يعني أن التنافس ما زال قائما إنما بشكل أقل سوءا مما كان عليه خلال الحرب الباردة، ولهذا قلنا إن ما جرى "ضبطٌ له".

واتفق الرجلان أيضا، على سبيل المثال، على أن الأساليب الحاكمة لدول العالم الثالث لا تهمهما. بعبارة أخرى، لن يختارا حلفاءهما من قائمة البلدان الديمقراطية فقط. ومع ذلك، لديهما خط أحمر: فإذا اعتمد بلد ما طريقة دينية متطرفة في العمل، فإن الدولتين سوف تتدخلان. ويبدو أنهما اتفقا أيضا على مناطق نفوذ بلديهما حول العالم. وتشمل الصفقة وعداً بعدم السماح لأي قوة كبيرة أخرى بالدخول في اللعبة، خاصة في الشرق الأوسط. وقد قررا العمل معا للحفاظ على دورهما الرائد فيما يتعلق بالجغرافيا السياسية للطاقة.

كما اتفق الزعيمان على رؤية بعضهما بعضا بشكل منتظم، فالحوار ضروري للحفاظ على هذا التنافس الخاضع للرقابة. وعلى الرغم من أن جماهيرهما لا تتفق دائما مع ذلك، فإن على الرئيسين بناء علاقة تقوم على الثقة المتبادلة.

وبطبيعة الحال، ناقش الرئيسان الأمريكي والروسي الشأن السوري أيضا. ويبدو أن الولايات المتحدة قد قبلت ببقاء الأسد في السلطة، على الأقل الآن. وسوف تقرر روسيا متى يغادر الأسد، وسوف تنتظر الولايات المتحدة حتى ذلك اليوم. في المقابل، قبلت روسيا أن نفوذ إيران في الشرق الأوسط يجب أن يضعف. ومن المحتمل أن يناقش الزعيمان مستقبل الأكراد أيضا. وربما اتفقا على أنه من السابق لأوانه وجود دولة كردية مستقلة.

يحاول بوتين وترامب تدشين وضع مربح للجانبين فيما يتعلق بالحرب الأهلية السورية. وقد قررا فرض وقف لإطلاق النار في المناطق الجنوبية الغربية من سوريا. هذه المناطق قريبة جدا من الأردن وإسرائيل ولبنان، ومن ثم، يمكن للمرء أن يستنتج أن الزعيمين يعتقدان أن استقرار هذه البلدان هو في غاية الأهمية بالنسبة إليهم. وقد يعلنان قريبا منطقة حظر جوي، بل منطقة عازلة للمنطقة نفسها. باختصار، يريدان التأكد من أن نظام الأسد لا يسيطر على هذه المنطقة الإستراتيجية جداً.

ولم تعترض تركيا مطلقا على منطقة حظر الطيران أو فكرة المنطقة العازلة، بيد أن أنقرة طلبت إنشاء تلك المنطقة في شمال سوريا. ومع ذلك فإن الولايات المتحدة لم تكن تعتقد أن ذلك ضروري لأنهم يعتقدون أن المناطق الشمالية من سوريا كانت آمنة بما فيه الكفاية. ولا تزال الحدود الشمالية لسوريا غير ذات أولوية بالنسبة إلى الإدارة الأمريكية، لكن هذا لا يعني أن الولايات المتحدة ستقبل الاستقلال الكردي هناك. الجماعات الكردية السورية، التي هي في الواقع ليست كردية بل منظمات إرهابية، قد تكون مفيدة اليوم بالنسبة إلى الولايات المتحدة لأنها تحارب داعش، لكن إذا حاولت في يوم من الأيام إعلان إقليم مستقل، فإن واشنطن سوف تعارض ذلك، لسبب بسيط هو أن روسيا تعارض ذلك.

روسيا لا تريد دولة كردية لأنها تعتقد أنها لن تؤدي إلّا إلى تفاقم النفوذ الأمريكي في المنطقة. يجب على الولايات المتحدة أن تأخذ في الاعتبار المخاوف الروسية، لأن هذه هي الطريقة التي تسيطر عليها المنافسات الخاضعة للرقابة. وقد أوضحت روسيا أنها لا تريد قيام دولة كردية من خلال ذكر تركيا، إذ قال بوتين إن على تركيا أن تدرج في قراراتها المتعلقة بسوريا إقامة مناطق حظر جوي. هذه طريقة أخرى للقول إن روسيا تريد أن تتأكد من أن ظهور دولة كردية سيتم منعه.

وسيكون من المثير للاهتمام معرفة أن تنظيم "بي كا كا" الإرهابي قد اطلع على اجتماع ترامب بوتين أثناء تنفيذه آخر هجماته الإرهابية الدموية.

تنبيه قانوني: تنبيه قانوني: جميع حقوق النشر والاستخدام للأخبار والمقالات المنشورة ملك مؤسسة "تركواز ميديا جروب" Turkuvaz Medya Grubu'. ولا يجوز اقتباس أي مقال أو خبر بالكامل حتى مع ذكر المصدر دون الحصول على إذن خاص.
يجوز اقتباس جزء من أي مقال أو خبر بشرط وضع رابط مباشر للمقال أو الخبر المقتبس.. من فضلك اضغط هنا لقراءة التفاصيل اضغط.