تركيا ومصر وتوازن القوى الجديد في شرق المتوسط

نشر في 12.03.2021 11:38

"لا يزال الحديث عن تطبيع العلاقات التركية المصرية سابقاً لأوانه، لكن الأنباء المتداولة توحي بحدوث تقدم إيجابي في هذا المجال"

يتصدر شرق البحر المتوسط عناوين الصحف بسبب اكتشاف احتياطيات كبيرة من الطاقة فيه، وكذلك الاتصالات الدبلوماسية والتحالفات الناشئة والصراع على السلطة في هذه المنطقة الحيوية. وتتمحور التوترات الدولية الناشئة هناك حول موضوعات الخلاف التي تؤدي إلى ظهور تحالفات مدفوعة بتدخلات خارجية.

ومن المعروف أن جزيرة قبرص تقع في قلب النزاعات في شرق البحر المتوسط إذ يعود تاريخ الصراع في تلك الجزيرة إلى السبعينيات إبان الانقلاب العسكري ومحاولة ارتكاب مذبحة بحق القبارصة الأتراك وتدخل تركيا مع استمرار الوضع الراهن على حاله لما يقرب من نصف قرن.

في غضون ذلك، تم قبول انضمام القبارصة الروم إلى الاتحاد الأوروبي، واتُّخذت خطوات أحادية الجانب مع تجاهل الجالية التركية مما أدى إلى تعميق الخلاف وتزكية أسباب الصراع.

وبالرغم من جهود الأمم المتحدة، فإن الجزيرة التي تضم مجموعتين عرقيتين لا يمكن أن تُحكم من دولة واحدة. ومع ذلك أيد القبارصة الأتراك إعادة توحيد شطري الجزيرة في استفتاء عام 2004، لكن القبارصة الروم سارعوا لاستخدام حق النقض ضد التعايش السلمي.

واليوم نجد القبارصة الروم يسعون مع اليونان بكل جهودهم، لإبرام اتفاقيات مع دول شرق البحر المتوسط لإنشاء منطقة اقتصادية خالصة، وحرمان شعب قبرص التركية من حقوقه، وانتهاك الجرف القاري لتركيا.

وتُظهر ما يسمى بـ "خريطة إشبيلية" التي طورها اليونانيون في جامعة إشبيلية بإسبانيا، أن تركيا التي تمتلك أطول ساحل متوسطي لا تمتلك سوى جرفاً قاريا صغيرا للغاية.

ثم سارعت العديد من الدول التي لديها خلافات مع تركيا، إلى الوقوف مع التحالف الذي تقوده اليونان. وتبنى القبارصة الروم واليونان ومصر وإسرائيل بتوجيه من الولايات المتحدة، سياسة مشتركة في شرق البحر المتوسط.

كما سارعت الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية، اللتان كانتا على خلاف مع تركيا أيضاً إلى دعم تلك المجموعة من خلال مصر. وكان الهدف الرئيسي لهذا التحالف إقصاء الأتراك عن الشؤون الإقليمية. وتم لنفس الغرض، إنشاء منتدى غاز "شرق المتوسط" وانضم الأردن وإيطاليا لاحقاً إلى الدول الأربعة المذكورة.

التحالف المناهض لتركيا:

استجابت تركيا للقبارصة الروم واليونان من خلال تحديد أهداف استراتيجية على المدى القصير والمتوسط والطويل.

وركّز الموقف التركي على وقف توسع التحالف المناهض لتركيا، وتعزيز مكاسبها الإستراتيجية والحد من قوة خصومها.

وللتعبير عن التزامها بوقف أي خطة إقليمية تستثني الأتراك، أرسلت تركيا سفن الأبحاث والتنقيب المدعومة بالقوات البحرية إلى الأجزاء المتنازع عليها في البحر المتوسط.

كما أبرمت أنقرة اتفاقاً تاريخياً مع ليبيا حول مناطق الصلاحية البحرية وقسمت بذلك إلى النصف مناطق الصلاحية البحرية المحددة بين قبرص الرومية واليونان.

فما كان من الدول المتحالفة إلا أن ألقت بثقلها لدعم الانقلابي خليفة حفتر الذي حاول الإطاحة بالحكومة الشرعية في ليبيا.

لكن تركيا سارعت إلى نشر قوات في ليبيا وضمنت بقاء حكومتها الشرعية، ما سمح لأنقرة بتعزيز مكاسبها الإقليمية والدولية.

ومؤخراً قامت تركيا بتكثيف جهودها الدبلوماسية لتخفيف التحالف المناهض لها مستفيدةً في الوقت نفسه من سياسة جو بايدن التي تشجع مصر وإسرائيل والإمارات والسعودية على تهدئة التوترات مع الأتراك وزيادة التعاون معهم. وأدى ذلك بدوره إلى زيادة طفيفة في الاتصالات الدبلوماسية.

صفقة القاهرة – أثينا:

على خلفية كل هذه التغييرات، حدث تطور كبير في مصر التي أبرمت حكومتها اتفاقية لترسيم مناطق الصلاحية البحرية مع اليونان والتي كانت محاولة لإلغاء الصفقة التركية الليبية.

فقد نشرت القاهرة في الآونة الأخيرة خريطة تعكس اعترافها بالسلطة البحرية لتركيا بحسب تفسير الخبراء.

وبالطبع أغضبت هذه الخطوة اليونان كثيراً وجعلت الصحف في أثينا تبادر من فورها لاتهام المصريين بالخيانة. كما تحدث رئيس الوزراء اليوناني "كيرياكوس ميتسوتاكيس" مع عبد الفتاح السيسي رئيس مصر وأرسل وزير خارجيته على جناح السرعة إلى القاهرة للقاء نظيره المصري.

ومع وجود مزاعم تشير بأن المصريين قاموا بمراجعة خريطتهم، إنما لم يتم نشر مثل هذه الوثيقة حتى الآن.

أما وسائل الإعلام العربية فتشير إلى أن مصر وتركيا ليستا جاهزتين بعد لفتح قنوات دبلوماسية بينهما. ومع ذلك، تم إطلاق بعض التطورات الدبلوماسية بين البلدين من خلف الكواليس، الأمر الذي يعني أن تطورات غير متوقعة يمكن أن تحدث في شرق البحر المتوسط في أي وقت.

في الختام أورد ما قاله وزير الطاقة الإسرائيلي "يوفال شتاينتس": "نحن مستعدون للتعاون مع تركيا. ونود أن نرى تركيا كشريك إقليمي".

تنبيه قانوني: تنبيه قانوني: جميع حقوق النشر والاستخدام للأخبار والمقالات المنشورة ملك مؤسسة "تركواز ميديا جروب" Turkuvaz Medya Grubu'. ولا يجوز اقتباس أي مقال أو خبر بالكامل حتى مع ذكر المصدر دون الحصول على إذن خاص.
يجوز اقتباس جزء من أي مقال أو خبر بشرط وضع رابط مباشر للمقال أو الخبر المقتبس.. من فضلك اضغط هنا لقراءة التفاصيل اضغط.